Saturday, July 29, 2006

كلية الإعلام وكشك الجرائد

جلست أنا ومجموعة من أصدقائي في الأيام الأخيرة لنا في الجامعة، فكلها شهور ونكون من حمله الشهادات العليا، وأخذنا نتحدث وكلا منا يعرض أماله المستقبلية ووظيفته العظيمة التي تليق بشهادته الجامعية .

ولأننا واقعيون ونعلم ما ينتظرنا من مصير ومطاردة البطالة لنا، حاولنا الهرب منها بتخيل بعض المشروعات الصغيرة، التي تدر علينا بعض الأموال بها تسير الأحوال.

فاستعرضت ما احلم به أنا بعد التخرج فسوف أكون حاملة لشهادة الإعلام قسم الصحافة، فطرحت عليهم أن أبدأ في مشروع صغير تخدمه دراستي الصحفية، فما وجدت أعظم ولا أفضل من كشك الجرائد، فبتخصصي "ولا فخر" أستطيع توجيه المشتري إلي الجريدة التي يجد فيها ضالته وما يطابق عقيدته الفكرية، فإن كان في أول الشهر ولم ينتهي مرتبه، انصحه بالصحف القومية التي توفر له السعادة وتضيف على وجهه المزيد من البسمات، وتصبح الدنيا في عينيه أكثر وردية وضياء ، فلا مشاكل ولا ضغوط ولا طوابير عيش ولا أتوبيسات زحمة، وكل شئ تمام.

أما إذا كان لا يملك إلا حق الجرنال، وسوف نفترض أنه يحرص على قراءة الجرائد، ولو أنه في هذه الحالة يفضل أن يتوجه إلي أقرب محل فول وطعمية ليشتري سندوتشات فول ذات التأثير الثنائي، فهي سوف تشبع معدته في الوقت الذي فيه توقف عقله عن العمل، حتى يستريح.

ونفترض أنه رغم جوعه يريد القراءة، مجرد افتراض، ففي هذه الحالة انصحه بالجرائد الحزبية وبها سوف ينفس عن غضبه ويجد فيها كل ما يريد التعبير عنه والفضفضة به، فـ "الحال لا يرضي عدو ولا حبيب" ضغوط الحياة كثيرة والبطالة طالت كل الشباب، مما أفاد القهاوي، والعنوسة أصبحت واقع يتجرعه الشباب كل يوم، والشقق نار والأسعار دائمة الاشتعال والحكومة مكتوفة اليد أمام كل ذلك ...................................... إلخ.

وإن كان يريد التسلية فانصحه بالصحف الصفراء، ولكني اعتقد أنني لن انصح بها أحدا يوما، وأفكر جديا فألا استقبل أي منها في كشكي المتواضع، وهي صحف تمتلئ بقصص العفاريت والأخبار الملفقة وأخبار بيوت الدعارة وفتيات الهوى.
وحسبنا الله ونعم الوكيل.
هذا ما توقعته أنا بعد تخرجي.

ضحك زميل لي وقال: أما أنا فمشروعي سوف يكون مختلف تماما وحسب تخصصي سوف اعمل في الهواء الطلق، ممتعاً عيني بالمناظر الطبيعية الخلابة، رغم خوفي من مخالفة الصف الثاني.

فتخصصي تجارة خارجية، وفي ظل الوسطة والمحسوبية والكوسة والباذنجان والمحشي عامة، لن أجد لي مكان داخل أي من البنوك، ولذا سأحضر مكتبا متواضعا وأضعه أمام البنك، وهو كما أظن موقع استراتيجي هام وأمارس عملي من خلاله.

واعلمي انه معي لن تُذكر كلمة تأخير، فكل المصالح سوف تنتهي في لمح البصر، لأني احرص على مصلحة العميل، وسوف أحافظ علي (الزبون)... وربنا يكفينا شر عين الحسود (البنوك) .. وأكيد عملي سوف يكون خارج نطاق المنافسة.

أخذت تفكر للحظات في مستقبلها ، فهي وآلاف غيرها في السنة النهائية بكلية الحقوق، وتظن أنها محامية كفء، ولكن ماذا عن الوظيفة؟!

فاقترحت أن تعمل كاتبة أمام المحكمة، فالموكلون لا يثقون في المحامين المبتدئين، وليس باليد الأموال اللازمة لفتح مكتب خاص، ومن المؤكد أنها سوف تجد فرصتها في يوم ما.
ولكن الأمل موجود وبالتدريب ككاتبة ستزيد مهاراتها وخبراتها ويوما سيأتي، إن شاء الله، سوف يهز صوتها أرجاء المحكمة أثناء المرافعات.

ولنا زميل آخر، قريبا جدا سيصبح مربي أجيال، والتدريس عشقه، وكما نعلم أن كلية التربية اقتحمت المرحلة الأولي منذ سنوات بقوة، لتميزها بشيء يبحث عنه الجميع إلا وهو التكليف (أي توفير الوظيفة من الحكومة لخرجين كليات التربية)، ولكن لا تكليف بعد اليوم، فلم يعد هناك تعيين للمدرسين، بالرغم من احتياج المدارس وضعف مستوى الطلاب وزيادة أعدادهم.

ولذا فكر زميلنا هذا وأحس بصداع مفاجئ وماذا سيفعل لو لم يحصل على وظيفة، وهو يحب التدريس، ولا ينوي التخلي عنه أبداً.

ولكن اقترح البدء في مشروع تعليمي في شارعه المتواضع، يؤجر حجرة، (والعيال ما أكثرهم وربنا يكفينا شر سياسة تحديد النسل) والبحث عن الدروس الخصوصية أصبح أهم من المدرسة، ولذا سيفتح فصول تقوية لطلبة الشارع، منها يستفيد بالأجر ويخدم أهل شارعه الذي نشأ وترعرع فيه، (وربنا يسهلها).

التقط الحديث زميل لنا مبهور بكليته، فطالما حلم بهذه الكلية ذات الاسم العريق، كلية السياسة والاقتصاد، وكثيرا ما راوده حلم السفارة، ولكنه كالعادة ستطارده لعنة (غير لائق اجتماعيا)، حيث أنه ليس سليل السفراء، ولذا فالأمر عسير وشبه مستحيل؛ ولأنه هو وأصدقاءه كثيرا ما يتقابلون علي (القهوة)، ولذا فقد ابتكر وظيفة جديدة تابعة لمكان تواجده الدائم، سوف يعمل محلل سياسي في أروقه القهوة، ولكنه لا يظن أنه بعد أن يحلل القضايا الدولية والعربية سياسيا سوف يحصل علي أجر، وكيف سيحصل على هذا الأجر، إن وجد، أيحضر رق وبعد أن يسترسل ويشرح يمر علي الكراسي جامعاً (النقطة).

وتركنا زميلنا المبجل يفكر في طريقة جمع الأموال وكل منا ينوي التوجه لمنزله بعد انتهاء يوم دراسي طويل، عسى أن تتحقق آمالنا في يوم من الأيام، ولا تنخر البطالة في عظامنا، ولا نلجأ للمشروعات الصغيرة المقترحة.

وفجأة طل علينا زميل آخر توجهت الأنظار إليه؛ لأنه الأوفر حظا بيننا، فهو ملتحق بكلية الطب البيطري، وقلت له: لعلك الأوفر حظا بيننا، فالحيوانات تحتاجك بشدة، فترة يصيبها الجنون وبعدها الأنفلونزا.

وقال الكل في وقت واحد: (يا بختك)
فوجه إلينا نظرة ذات مغزى، وقال "يا ناس يا شر كفاية أر".

2 comments:

Anonymous said...

ولا انا اهنئك على هذا الموقع الجميل الهادف والذى يحاول جاهدا ان يحمل رسالة الى العالم لما تفعله الجرائم الاسرائيلية فى الشرق الاوسط...

لذا أتمنى لك التوفيق والمزيد من الجهود لكشف وفضح احقائق الجرائم الاسرائيلية للعالم بأسره

Anonymous said...

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

اختى العزيزة هالة لقد سعدت جداً بهذا الموقع الجميل ولى تعليق اود ان ابعث اليك به وهو خاص بمقدمة الموقع التى تختص بكشف حقيقة مستقبل خريجى هذا الزمان "المظلومين" والذى لايعرف او يتضح مصيرهم المجهول..

اختى العزيزة .. ما قمتى بكتابته عن مستقبل شباب الخريخين ما هو الا واقع مظلم ومرير يعيشه او يهدد كل خريج فى مقتبل حياته كل زنبه انه جاء فى هذا العصر ولكن فى النهاية لايجب ان لا نيأس لان الله معنا فى كل وقت وفى كل لحظة ولكن المطلوب من كل شاب هو بالبحث عن عمل السعى والتوكل على الله وعدم التواكل على الغير او الاعتماد عل الواسطة التى اصبحت مثل الكرة قد تصيب اولا تصيب...

صافيناز