استفــــــزاز
كل شيء تقريبا في دنيانا أصبح مستفزا .. إلا أن الأكثر استفزازا هذه الأيام في مصر هي .. الأسعار
الأسعار اشتعلت واكتوت الناس بنيرانها .. وأوشكو على التفحم .. ولا أحد يوقف هذه المهزلة
قائمة الأسعار أصبحت تحبس الدم وتجعله يغلي ويفور في الدماغ
العدس 7 جنيه
اللبن 4 جنيه
الفول 7 جنيه
الجبن القريش 8 جنيه
7 أرغفة فينو بجنيه، وإذا رأيت هذا المسكين (الرغيف) يصعب عليك حاله وما طرأ عليه من الهزال والضعف الشديد، ولعل الرفاهية هي التي حتمت عليه عمل الريجيم.
أما العيش الآدمي .. الرغيف منه بـعشرين قرشا، وهو لا يكاد يرى بالعين المجردة.
أما الرغيف الاقتصادي (أبو شلن) .. فكُله وأنت محتسب أجرك على الله، فكل ما يصيبك أثناء تناوله يأجرك الله عليه، وأنت وحظك إما تجد به رمل أو قطعة خشب أو .. أو ..
ويحضرني هنا موقف ظريف تعرض له أحد المصريين الصامدين الصابرين .. اشتكي من وجود قطعة خشب في رغيف .. فذهب بها لصاحب الفرن وسأله عن سر وجود الخشب بالعيش .. فرد بظريف منقطع النظير .. لو جمعت القفص تكسب الفرن .. !!
والعجب العجاب في الفواتير ( كهربا - تليفون - مياة ..) ويمكنك أن تسأل أي مصري عند أحوالها.
مثلا لم نكن موجودين بشقتنا وتركناها لعدة شهور .. وليس بها سوى لمبة مقادة والثلاجة فقط .. وأؤكد فقط .. فجأت فاتورة الكهربا بثمانين جنيه، وهكذا الشهور التي تليها ..
والمشكلة انه لا يحق لك الشكوى إلا بعد الدفع .. وفي أغلب الأحيان الشكوى لا تفيد .. كما أن الجريمة لا تفيد .. وغالبا لا تجد من تشكو له .. فمدير مثل الغفير جميعا أصبحو واحد .. كل همهم أن يخرجوا من جيبك أكبر عدد من الجنيهات.
وهكذا فاتور التليفون دائما فوق المئة .. لماذا لا أعلم .. ونحن في الأساس كنا لا نستخدم التليفون أيضا خلال هذه الفترة ... لعلهم الجيران ... أشقياء هؤلاء الجيران !!
ولسنا وحدنا ... فكل مصر تعاني ... والكل يجري ليلحق بقطار الحياة وليبتعد عن شبح الموت من الجوع..
المهم أن محدود الدخل في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار سوف يصبح معدوم الدخل .. ولما سوف يصبح .. بل أصبح بالفعل معدوم الدخل، يبكي على جيوب شديدة النظافة والبياض ... ووداعا لمساحيق الغسيل.
وعليه أن يقضي الأيام في الترحم على ما انقرض من النقود، والتي سوف توضع قريبا في المتاحف ويشاهدها الناس كعملات نادرة عفا عليها الزمان .. يااااااه ... فين أيام الشلن ... البريزة .. الربع جنيه .. والنص جنيه .. وأخوهم الكبير الجنيه .