Sunday, July 30, 2006

أحسست العجز
أصعب احساس يمكن ان يتسرب إلي النفس .. الاحساس بالعجز .. قد يسيطر هذا الاحساس عليك عندما تقف مكتوف الآيدي أمام شخص تحبه يعاني المرض ويتألم ويصرخ وأنت لا تعلم كيف تخفف عنه؟
أو قد يسيطر عليك عندما تجد شاب في مقتبل العمر يحاصره الإحباط بعدما انتهي من تعليمه ولم يجد أمامه سوى الأحلام وأنت تسمع له فقط ولا تدري كيف تخفف عنه .. وقد يراودك هذا الإحساس عندما تري طفل يبكي ولا تعلم مما يتألم ولماذا تنمهر دموعه ولا تملك إلا أن تمسح هذه الدموع بيديك دون أن تحقق له أمنيته ..
ولكن اصعب اللحظات التي يمكن أن تعايشها .. عندما يحاصرك الاحساس بالعجز من كل جانب وتعجز عن رده .. فيحاصر عينيك فتري صور ترفض مجرد مرورها بخيالك .. يحاصر أذنيك فتسمع ما لا تود أن تحيط به علما .. يحاصر عقلك .. عندما تفكر في ضعف شديد أصابك وأغلال طوقت فكرك ولسانك ويديك.
هذا ما أحسسته وتممرت به عندما رأيت مجزرة قانا .. فالعين أصابها ما أصابها .. أصعب مشاهد يمكن أن نراها .. الطفولة قصفت وانتهت في لحظات السكون .. تحت جنح الليل .. وقد استقرت ونامت أجسادهم وارتاحت عقولهم وراحت تلهو وسط حدائق الأحلام الوردية .. بعيدا عن الواقع المؤلم، الذي أصبحوا في يوم من الأيام ووجدوا أنفسهم محاطين به من كل جانب .. ولكن صواريخ العدو الصهيوني لم تعطيهم الفرصة للإنتهاء من أحلامهم هذه، قطعتها عليهم بشراسة، وانتهت الأحلام ، كما انتهت لحظات العمر القليلة .. وقُطفت الزهور، التي لم تحمل في يوم من الأيام الأشواك.
وبعدما رأيت .. جاء دور أذني لأسمع وصف ما حدث .. لجأ هؤلاء الأطفال لهذا الملجأ مع أسرهم ، ظنا منهم أنهم في أمان، لكن لأ أمان مع وجود إسرائيل .. فكل الأماكن مهددة وكل الأرواح ليست لها قيمة لديهم .. وفجأة سمعوا ما أفزعهم ولم يمهلهم حتى التفكير في الهرب .. ولكن ما أذى أذني .. هو ما لم أسمعه من العرب، حتي التنديد، الذي لا نحصل إلا عليه عند المواجهة مع إسرائيل، لم يكن بالقوة المتوقعة .. وغير ما سمعته من القوي الدولية التابعة لـ "ماما أمريكا"، وهو ما لم يتعدى الحث الرقيق لإسرائيل حتى تُوقف إطلاق النار، ولعل إسرائيل تستجيب.
وبعد أن رأيت وسمعت .. حاصرني عجز اللسان فلم انطق لوقت طويل وأحسست لأول مرة بالخرس .. إلا من عبارة "حسبنا الله ونعم الوكيل" .. ثم عجز فكري في من ؟ حسبنا الله ونعم الوكيل في من ؟
في من اعتدي وتجبر .. أم في من خاف وتوارى وأعطي الفرصة للجبان أن يتكبر؟
هالة الدسوقي

Saturday, July 29, 2006

كلية الإعلام وكشك الجرائد

جلست أنا ومجموعة من أصدقائي في الأيام الأخيرة لنا في الجامعة، فكلها شهور ونكون من حمله الشهادات العليا، وأخذنا نتحدث وكلا منا يعرض أماله المستقبلية ووظيفته العظيمة التي تليق بشهادته الجامعية .

ولأننا واقعيون ونعلم ما ينتظرنا من مصير ومطاردة البطالة لنا، حاولنا الهرب منها بتخيل بعض المشروعات الصغيرة، التي تدر علينا بعض الأموال بها تسير الأحوال.

فاستعرضت ما احلم به أنا بعد التخرج فسوف أكون حاملة لشهادة الإعلام قسم الصحافة، فطرحت عليهم أن أبدأ في مشروع صغير تخدمه دراستي الصحفية، فما وجدت أعظم ولا أفضل من كشك الجرائد، فبتخصصي "ولا فخر" أستطيع توجيه المشتري إلي الجريدة التي يجد فيها ضالته وما يطابق عقيدته الفكرية، فإن كان في أول الشهر ولم ينتهي مرتبه، انصحه بالصحف القومية التي توفر له السعادة وتضيف على وجهه المزيد من البسمات، وتصبح الدنيا في عينيه أكثر وردية وضياء ، فلا مشاكل ولا ضغوط ولا طوابير عيش ولا أتوبيسات زحمة، وكل شئ تمام.

أما إذا كان لا يملك إلا حق الجرنال، وسوف نفترض أنه يحرص على قراءة الجرائد، ولو أنه في هذه الحالة يفضل أن يتوجه إلي أقرب محل فول وطعمية ليشتري سندوتشات فول ذات التأثير الثنائي، فهي سوف تشبع معدته في الوقت الذي فيه توقف عقله عن العمل، حتى يستريح.

ونفترض أنه رغم جوعه يريد القراءة، مجرد افتراض، ففي هذه الحالة انصحه بالجرائد الحزبية وبها سوف ينفس عن غضبه ويجد فيها كل ما يريد التعبير عنه والفضفضة به، فـ "الحال لا يرضي عدو ولا حبيب" ضغوط الحياة كثيرة والبطالة طالت كل الشباب، مما أفاد القهاوي، والعنوسة أصبحت واقع يتجرعه الشباب كل يوم، والشقق نار والأسعار دائمة الاشتعال والحكومة مكتوفة اليد أمام كل ذلك ...................................... إلخ.

وإن كان يريد التسلية فانصحه بالصحف الصفراء، ولكني اعتقد أنني لن انصح بها أحدا يوما، وأفكر جديا فألا استقبل أي منها في كشكي المتواضع، وهي صحف تمتلئ بقصص العفاريت والأخبار الملفقة وأخبار بيوت الدعارة وفتيات الهوى.
وحسبنا الله ونعم الوكيل.
هذا ما توقعته أنا بعد تخرجي.

ضحك زميل لي وقال: أما أنا فمشروعي سوف يكون مختلف تماما وحسب تخصصي سوف اعمل في الهواء الطلق، ممتعاً عيني بالمناظر الطبيعية الخلابة، رغم خوفي من مخالفة الصف الثاني.

فتخصصي تجارة خارجية، وفي ظل الوسطة والمحسوبية والكوسة والباذنجان والمحشي عامة، لن أجد لي مكان داخل أي من البنوك، ولذا سأحضر مكتبا متواضعا وأضعه أمام البنك، وهو كما أظن موقع استراتيجي هام وأمارس عملي من خلاله.

واعلمي انه معي لن تُذكر كلمة تأخير، فكل المصالح سوف تنتهي في لمح البصر، لأني احرص على مصلحة العميل، وسوف أحافظ علي (الزبون)... وربنا يكفينا شر عين الحسود (البنوك) .. وأكيد عملي سوف يكون خارج نطاق المنافسة.

أخذت تفكر للحظات في مستقبلها ، فهي وآلاف غيرها في السنة النهائية بكلية الحقوق، وتظن أنها محامية كفء، ولكن ماذا عن الوظيفة؟!

فاقترحت أن تعمل كاتبة أمام المحكمة، فالموكلون لا يثقون في المحامين المبتدئين، وليس باليد الأموال اللازمة لفتح مكتب خاص، ومن المؤكد أنها سوف تجد فرصتها في يوم ما.
ولكن الأمل موجود وبالتدريب ككاتبة ستزيد مهاراتها وخبراتها ويوما سيأتي، إن شاء الله، سوف يهز صوتها أرجاء المحكمة أثناء المرافعات.

ولنا زميل آخر، قريبا جدا سيصبح مربي أجيال، والتدريس عشقه، وكما نعلم أن كلية التربية اقتحمت المرحلة الأولي منذ سنوات بقوة، لتميزها بشيء يبحث عنه الجميع إلا وهو التكليف (أي توفير الوظيفة من الحكومة لخرجين كليات التربية)، ولكن لا تكليف بعد اليوم، فلم يعد هناك تعيين للمدرسين، بالرغم من احتياج المدارس وضعف مستوى الطلاب وزيادة أعدادهم.

ولذا فكر زميلنا هذا وأحس بصداع مفاجئ وماذا سيفعل لو لم يحصل على وظيفة، وهو يحب التدريس، ولا ينوي التخلي عنه أبداً.

ولكن اقترح البدء في مشروع تعليمي في شارعه المتواضع، يؤجر حجرة، (والعيال ما أكثرهم وربنا يكفينا شر سياسة تحديد النسل) والبحث عن الدروس الخصوصية أصبح أهم من المدرسة، ولذا سيفتح فصول تقوية لطلبة الشارع، منها يستفيد بالأجر ويخدم أهل شارعه الذي نشأ وترعرع فيه، (وربنا يسهلها).

التقط الحديث زميل لنا مبهور بكليته، فطالما حلم بهذه الكلية ذات الاسم العريق، كلية السياسة والاقتصاد، وكثيرا ما راوده حلم السفارة، ولكنه كالعادة ستطارده لعنة (غير لائق اجتماعيا)، حيث أنه ليس سليل السفراء، ولذا فالأمر عسير وشبه مستحيل؛ ولأنه هو وأصدقاءه كثيرا ما يتقابلون علي (القهوة)، ولذا فقد ابتكر وظيفة جديدة تابعة لمكان تواجده الدائم، سوف يعمل محلل سياسي في أروقه القهوة، ولكنه لا يظن أنه بعد أن يحلل القضايا الدولية والعربية سياسيا سوف يحصل علي أجر، وكيف سيحصل على هذا الأجر، إن وجد، أيحضر رق وبعد أن يسترسل ويشرح يمر علي الكراسي جامعاً (النقطة).

وتركنا زميلنا المبجل يفكر في طريقة جمع الأموال وكل منا ينوي التوجه لمنزله بعد انتهاء يوم دراسي طويل، عسى أن تتحقق آمالنا في يوم من الأيام، ولا تنخر البطالة في عظامنا، ولا نلجأ للمشروعات الصغيرة المقترحة.

وفجأة طل علينا زميل آخر توجهت الأنظار إليه؛ لأنه الأوفر حظا بيننا، فهو ملتحق بكلية الطب البيطري، وقلت له: لعلك الأوفر حظا بيننا، فالحيوانات تحتاجك بشدة، فترة يصيبها الجنون وبعدها الأنفلونزا.

وقال الكل في وقت واحد: (يا بختك)
فوجه إلينا نظرة ذات مغزى، وقال "يا ناس يا شر كفاية أر".

Thursday, July 27, 2006

نريد أن نكون الفاعلين
"المعجزة الحقيقية ليست في خرق النظام .. ولكن المعجزة الحقيقية في إحلال النظام" مصطفي محمود في كتابة لغز الحياة.
هذه العبارة تجسد حالنا نحن الدول العربية والإسلامية في الوقت الحالي . فكل خرق للنظام يكون إما منا أو علينا.
أما ما هو منا فهو معروف .. وما علينا أيضا معروف وظاهر للعيان ، بل وطاغي ويثير العجب والحيرة والحزن ويحرك الدموع ويدفعها دفع من أعيننا، وأحيانا تجف هذه الدموع وتتسع حدقات العين ويسكت اللسان وتُشل اليدين ويقف التفكير أمام كل ما يحدث لإخواننا في فلسطين ولبنان والعراق.
نري صور لأطفال ونساء وشيوخ لو رأيناها قبل عقد من الزمان لتوقفت قلوبنا وجفت حناجرنا بل وقد ننتقل إلي عالم آخر ... ولكنه للأسف أصبح شيئا عاديا .. الآن نشاهد ونصمت ولا تتحرك دموعنا .. سمعنا أن هذا نتيجة سياسة إعلامية صهيونية مخططة (وهم كما عودونا كل خطوة لديهم محسوبة ومخطط لها) .. تنص هذه السياسة علي هدم الهمة وتحجير القلوب .. فنري رضيعة غارقة في دمائها ولا شيء يحدث لنا .. وكل ما نفعله أن نشاهد ونصمت ولا تتحرك دموعنا .. نري امرأة يعتدي عليها جنود الاحتلال ولا يتحرك لنا ساكن ونشاهد ونصمت ولا تتحرك لنا دموع .. نري ما يحدث للشيوخ وللسيدات والأطفال .. وكل هذا ونحن نشاهد ونصمت ولا تتحرك دموعنا.
لو هذا بالفعل مرتب له فنحن نشهد لهم بالبراعة .. فهم بكل مهارة يستطيعوا أن يغيرو فينا ونحن لا نستطيع أن نغير حتي واقعنا.
متي نتحرك ونصبح فاعلين ولسنا مفعول بهم فقط . أين عقولنا وأين قلوبنا أيضا ؟
اتمني أن نبدأ رحلة البحث عنهم .. واجزم أننا يوم أن نلقاهم فسوف تحل كل مشكلاتنا ونسترد أوطاننا وكرامتنا.

إسرائيل تقتل الأطفال في بطون أمهاتهم

حقا .. إنها معركة وجود وليست معركة حدود، هذا ملخص ما يحدث في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، كما تؤكد وثيقة إسرائيلية، حيث حذرت من ظاهرة تعدد الزوجات لدى فلسطينيي 48، وكثرة الإنجاب لديهم، معتبرة أن ذلك يمثل تهديدا لأمن إسرائيل القومي في المستقبل.


ودعت الوثيقة، التي كشفت عنها صحيفة معاريف الإسرائيلية، الحكومة الإسرائيلية إلى "سن قوانين جديدة وإعادة النظر في التشريعات الحالية؛ لمحاربة هذه الظاهرة دون هوادة".هذا بجانب ما رصدته "شولاميت ألوني" مؤسِّسة حركة "ميرتس" اليسارية في مقال لها نشرته قبل عدة سنوات من محاولات وسياسات إسرائيلية للحد من النسل العربي, وتشجيع النساء العربيات على استعمال حبوب منع الحمل؛ بهدف الحد من عدد الأطفال العرب وتقليل الإنجاب.

ونستطيع القول أن قيادات إسرائيل قررت بشكل أو بأخر القضاء علي مستقبل فلسطين بقتل الأطفال في عمر الزهور بدم بارد وبوسائل وحشية. وقائمة مقاومة تزايد الفلسطينيين مليئة بعده وسائل خبيثة تضم القتل المباشر للأطفال والأسر أو تدميرهم صحيا ونفسيا بطرق شتي.

قتل الأجنة

تحارب قوات الاحتلال الإسرائيلي الأجنة في بطون أمهاتهم، وخير شاهد علي ذلك حواجز الاحتلال، التي يتعامل عندها الجنود مع الكل بشكل واحد فلا اعتبار لمريض أو امرأة في حالة وضع أو شيخ كبير أو طفل، وكثيرا ما حدث أن تمنع امرأة وهي في حالة ولادة من الوصول إلي المستشفي، وتلد المسكينة علي الحاجز أو تلقي وجه رب كريم مع جنينها قبل أن يري نور الحياة، ويتكرر هذا المشهد دائما مع العديد من الفلسطينيات، مثل ما حدث لشابة فلسطينية حامل لفظت أنفاسها الأخيرة اثر منع قوات الاحتلال المتواجدة على مدخل قلقيلية الشمالي لسيارة كانت تقلها إلى المستشفى بعد أن فاجأتها آلام المخاض.


وبين أهل الشهيدة رنا الجيوسي البالغة من العمر 21 عاما أنها توجهت بصحبة زوجها إلى طبيب في بلدة عزون لإنجاب مولودهما الأول لعدم تمكنهما من الوصول إلى طولكرم غير أنها تعرضت في الطريق لنزيف حاد فاضطر أهلها إلى الذهاب بها إلى مستشفى الوكالة في قلقيلية ولكن جنود الاحتلال على الحاجز منعوا سيارة الإسعاف من المرور.وقد أعلنت منظمة الصحة العالمية أن عدد الفلسطينيات اللاتي أنجبن عند الحواجز الإسرائيلية وصل إلى 69منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية عام 2000. وأكدت المنظمة أن الحواجز الإسرائيلية تسببت في تأخير حصول المرأة الفلسطينية على العناية الإنجابية وإلى زيادة احتمال وفاة النساء المنجبات.

لو كسروا عظامي

ماذا يفعل حجر يلقيه عصفور صغير علي جندي مدجج بالسلاح أو علي إحدى دبابات الاحتلال؟! أظن أنها لن تفعل شيء أبعد من إعلان رفض العصفور للجبروت والظلم، ولكن صاحب الجبروت يأبى أن يترك العصفور طليق يغرد ويشدو بأغانيه الحزينة فيصوب إليه نيران بندقيته لتنتهي حياته في عالم الغاب، في ظل صمت قاتل من الجميع.وهذا ما ترويه لنا قصص العديد من أطفال فلسطين، حتى الرضع طاردتهم نيران جنود الاحتلال، والتي قتلت الرضيعة "إيمان حجو" والرضيعة "هدى شلوف" التي لا يتعدى عمرها 18 شهرا.

أما الأطفال في عمر الزهور فيتم قطفها من علي أغصانها بمنتهي السهولة من قبل أيدي الاحتلال الإسرائيلي، ومحمد الدرة شاهده العالم كله في مشهد يدمي له القلب، فمات وهو في حضن أبيه دون أن يقترف أي ذنب سوي أنه طفل فلسطيني.

ولا ننسي الطفل، الذي شهد له العالم بالشجاعة، فارس عودة، الذي تحدي دبابة إسرائيلية بحجر صغير دون أن تنتابه لحظة خوف، ولكنه قُتل بأيدي الغدر الإسرائيلية بعد ذلك المشهد بأسبوع. وفارس، 14 عاما، طفل عادي مثل بقية الأطفال يعيش مع أسرته المكونة من ستة أفراد يحب اللحم ويعشق الدبكة الشعبية ودروس الرياضة والدين، أما أغنيته المفضلة فكانت ""لو كسروا عظامي مش خايف لو هدوا البيت مش خايف ".

لكن حياته انقلبت رأسا علي عقب بعد استشهاد ابن خالته "شادي" برصاص الاحتلال على معبر المنطار.فعندها تحولت حياته إلى حزن دائم، تقول والدته، لجريدة الحياة الجديدة، "قبل يوم من استشهاده شهدت صورته في التلفزيون وهو يقف أمام الدبابة وطلبت منه ألا يكرر ذلك وإلا تعرض لضرب والده وقطع مصروف المدرسة عنه". لكنه قال لوالدته أن ابن خالته الشهيد شادي أتاه في الحلم وطلب منه الانتقام. وكانت والدته تمنعه من الذهاب إلي معبر المنطار الذي استشهد به ابن خالته.


وفي صباح أحد الأيام خرج فارس مبكرا من منزله يحمل بيده مقلاعا بعد أن جهز لنفسه إكليلا من الزهور زينه بصورته وبعبارة خطها بيده " الشهيد البطل فارس عودة " . يقول صديقة رامي كنت انتظره ككل صباح للذهاب إلى المدرسة فكان على غير عادته معطرا يحمل إكليلا من الورد، وقال لي ساعدني لكي اعلق الإكليل على باب المنزل. ويكمل رامي، في معبر المنطار كان فارس يتعمد تحدي الدبابة والاقتراب منها. وعندما سألناه لماذا يفعل ذلك كان يجيب بأغنية " لو كسروا عظامي مش خايف ولو هدوا البيت مش خايف". بعدها أعيد فارس إلى والدته شهيدا برصاصة من نوع 500 قطعت معظم شرايينه وأوردة رقبته.


عذاب الأسر

إذا لم يقتل الطفل قبل أن يري نور الدنيا وإن لم تصبه رصاصات الغدر، فلا مانع من أسره، وتعتقل قوات الاحتلال الإسرائيلي مئات الأطفال في سجونها، وما يحدث أن جنود الاحتلال يتوجهون إلي منازل الأطفال ويأسروهم دون أي تهمة، وداخل سجون الاحتلال يلقون ما هو أبشع من أن يوصف، حيث تختفي كلمة حقوق من قاموس زنازين الاحتلال .فهناك يذوقون أصناف العذاب من ضرب وحرمان من النوم والطعام، والتهديد والشتائم والتحرش الجنسي، والحرمان من الزيارة، واستخدام أبشع الوسائل النفسية والبدنية لانتزاع الاعترافات، والضغط عليهم لتجنيدهم للعمل لصالح المخابرات الإسرائيلية.


ويحكي ماهر (17 عاماً) لوكالة الأنباء الفلسطينية، من محافظة جنين بالضفة الغربية، الذي اعتقلته قوات الاحتلال من منزل عائلته في السابع والعشرين من شهر مارس 2004، ولم يعرف سبب اعتقاله، وأن قوات الاحتلال داهمت منزله بعد منتصف الليل، وأخبروه أنه مطلوب، وانهال جنود الاحتلال عليه بالضرب المبرح، منذ لحظة اعتقاله وحتى وصوله إلى معسكر سالم .


وأوضح أن التحقيق معه استمر لمدة 24 يوماً، وأن الزنازين صغيرة الحجم (2،2 متر)، وفي كل زنزانة أسيران، وأن لون الزنازين رمادي داكن، وحيطانها خشنة الملمس، ومن الصعب الاتكاء عليها، وأن الأسرى ينامون على الأرض، والفرشات والأغطية نتنة الرائحة، والمرحاض عبارة عن فتحة في أرضية الزنزانة. وأكد أن المحققين هددوه أكثر من مرة بهدم منزله واعتقال أهله، وخاصةً والدته، إذا لم يعترف بالتهم الملفقة له، منوهاً بأنه وغيره من الأطفال الأسرى يتعرضون لتحرشات جنسية من قبل المحققين الإسرائيليين، الذين يهددونهم بالاغتصاب.


وقال إنه اعترف ببعض التهم التي ألصقت به، بعد أن نصحه أسير آخر بالاعتراف، كي يتفادى التحقيق العسكري .وأضاف أنه مكث في الزنازين مدة 76 يوماً، وانتهى التحقيق معه في اليوم الرابع والأربعين من الاعتقال. وبعد ذلك، نقل إلى سجن تلموند ، حيث يقبع حالياً بانتظار المحاكمة.

قلوب مرتجفة

ويضاف إلي وسائل إسرائيل في محاربة حياة أطفال فلسطين وسيلة الترهيب، حيث أكد "ستيف سوسبي" مؤسس ورئيس مجلس إدارة صندوق إغاثة الأطفال في فلسطين، الذي يتخذ من واشنطن مقرا له، أنه نتيجة للجرائم الوحشية التي ترتكب في الأراضي الفلسطينية المحتلة فإن 90% من الأطفال الفلسطينيين يعانون من اضطرابات نفسية شديدة شبيهة بتلك التي تعرض لها الجنود الأمريكيين أثناء حرب فيتنام.


ودعا سوسبي المجتمع الدولي للتدخل من أجل وقف المأساة اليومية التي يعانيها الأطفال الفلسطينيين في ظل الاحتلال الإسرائيلي، محملا مسئولية ذلك لجميع الفعاليات والقوي الحية الدولية التي تؤمن وتعمل من أجل العدالة والقيم الإنسانية، ومؤكدا رفضه للأعمال البربرية الإسرائيلية ضد المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ.والهدف من ترويع الأطفال جاء علي لسان أحد جنرالات إسرائيل خلال الانتفاضة الأولى 1987، الذي دعا إلى " زرع الخوف والجبن في نفوس الأطفال الفلسطينيين حتى تقتل روح المقاومة في الأجيال القادمة"

"ويمكرون ويمكر الله"

بعد التدبير والتخطيط للقضاء علي أطفال فلسطين إلا أن قدرة الله، سبحانه وتعالي، فوق كل تدبير وكل تخطيط ، حيث جعل المرأة الفلسطينية هي الأعلى خصوبة علي مستوي العالم .وقد تجلت هذه القدرة الإلهية في المعجزة التي حدثت بمدينة رفح بعدما دمرت طائرات الاباتشي الإسرائيلية مدينة رفح وحصدت أرواح مواطنيها، ثم وضعت نساء المدينة عدد من المواليد يقارب عدد الشهداء الذين استشهدوا خلال عملية التوغل علي المدينة.

وقد أكدت مصادر في وزارة الصحة الفلسطينية يوم الواحد والعشرون من شهر مايو 2004 أن 39 مولودا ولدوا في مدنية رفح المنكوبة خلال ثلاثة أيام. وقال مدير عام الطوارئ في وزارة الصحة الدكتور معاوية حسنين أن 39 مولودا ذكرا مّن الله تعالى بهم على مدينة رفح خلالا الأيام الثلاثة التي تعرضت فيها المدنية للاجتياح والاحتلال من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.

لا تقل .. بل قل
معاً نمزق القاموس الإعلامي الصهيوني


من المعروف أن الاحتلال الصهيوني يجيد التلاعب بالألفاظ واستحداث المصطلحات والتسويق لها من خلال وسائل الإعلام الخاصة بها، بل وفرضها على كافة وسائل الإعلام العالمية بما في ذلك العربية نفسها، وللأسف الشديد تتسابق هذه الوسائل في نشر هذه المصطلحات، وكأنها موضة مفروضة علينا ونكون متأخرين متخلفين لو لم نتبعها.
ولكي يكون وجود الاحتلال إسرائيل غير شاذ، بما أنها ليست دولة عربية أو إسلامية، فقد عمل علي تلوين بعض المصطلحات بألوان تخدم أهدافها وتخدع الناظرين للمنطقة ويظن أنه جزء ليس بغريب عنها بل هو أصلاً فيها.
وبراعة الخداع تتجلى في استعمال بعض الألفاظ والمصطلحات، والتي لابد علي وسائل الإعلام وعلينا كأفراد عدم ترديدها، حتى لا نحقق لهم ما يحلمون به، وتعتاد ألسنتنا على النطق بحروفهم ، مما قد يصيبنا بتلف في الأحبال الصوتية ينتج عنه اختناق، ثم نصاب بسكتة عروبية لا نفوق بعدها أبدا، ولتجنب ذلك إليكم روشتة صحية لتجنب الإصابة بهذا المرض، وهي: لا تقل . بل قل ، والتي تتضمن الآتي:
لا تقل : الشرق الأوسط .. بل قل : المشرق الإسلامي أو المنطقة العربية
فكما قلنا يريد اليهود إلقاء الشرعية علي وجودهم في المنطقة العربية الإسلامية، بالرغم من أنهم يدينون اليهودية، كما أنهم محلتين للأراضي الفلسطينية، لذا تفتقت قريحتهم عن مصطلح " الشرق الأوسط "، وهو مصطلح مطاط بإمكانه أن يضمن كل دول المنطقة العربية الإسلامية بما فيهم إسرائيل. وللأسف أنه قد كان ، ولا تترك نشرة أخبار أو تقرير صحفي أو مقال عند التحدث على المنطقة إلا وجاء مصطلح الشرق الأوسط ضمنها ، ولذا نكتفي بهذا القدر من ترديد هذا المصطلح ولننسي ما قد حدث، ولنقل الآن : المشرق الإسلامي ، أو العالم العربي، أو المنطقة العربية الإسلامية .

لا تقل : حائط المبكي .. بل قل : حائط البراق
حائط البراق هو الحائط الذي تشرف بربط دابة الرسول صلي الله عليه وسلم، وهي البراق، به أثناء رحلة الإسراء والمعراج، وهو جزء من أجزاء الحرم القدسي الشريف، وهو يحيط الحرم من الناحية الغربية، ويبلغ طوله 156 قدماً وارتفاعه 56 قدماً ، ويبلغ عرضه 11 قدماً ومساحته 120قدماً مربعاً وهو مبنى من حجارة قديمة ضخمة يبلغ طول بعضها 16 قدماً .

أطلق عليه اليهود حائط المبكى ، ويدعون أنه من بقايا هيكلهم القديم، ويوجد أمامه رصيف يقف عليه اليهود عندما يزورون الحائط بقصد البكاء ، ولندعهم ببكائهم و خداعهم تاركين تسميتهم، التي لا تدل إلا علي افتراء جديد ومحاولة لمحو اسم مكان شرفه رسول الله صلي الله عليه وسلم بربط دابته به، وهو مكان مقدس يلوثه الآن اليهود بدموع التماسيح الزائفة، ولذا فعلينا استرداد أبسط حقوقنا بإطلاق اسمه الحقيقي عليه وهو "حائط البراق"، حيث أن الثابت شرعا وقانونا بأن "حائط البراق" جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى المبارك.
لا تقل : محور فيلادلفي .. بل قل : محور صلاح الدين
وضمن خطتها استبدلت عقول الاحتلال الإسرائيلي مصطلح محور صلاح الدين، البطل المسلم العربي الذي حرر الأرض المباركة أرض المقدس من جبروت الصليبيين وأعاد إلي المسلمين المسجد الأقصى، إلي محور فيلادلفي، وهو المصطلح الاستعماري الذي توصلوا إليه ، ولعل إطلاق اسم صلاح الدين علي المحور يذكرهم بأن هذه الأرض ليست لهم، وسوف يأتي اليوم الذي ينتهي وجودهم منها، علي يد صلاح الدين جديد ، ولذا فلهم عذرهم بإطلاق هذه التسمية علي هذا المحور، ولكن نحن ليس لنا أي عذر في ترديد هذا المسمي، فلنترك محور فيلادلفي جانبا ونفخر باسم القائد العظيم صلاح الدين الأيوبي.
وفي هذا السياق، أهاب برلمان مدينة رفح مؤخرا بالإعلاميين عدم استخدام مصطلح "محور فيلاديلفي" الذي تطلقه قوات الاحتلال على محور صلاح الدين الشريط الحدودي الفاصل بين الأراضي الفلسطينية ومصر ،وقال البرلمان الصغير في بيان وزعه على وسائل الإعلام، إن الاحتلال الإسرائيلي لا يزال متربصاً بتاريخ وثقافة فلسطين ويعمل الآن على طمس اسم المدخل الجنوبي لفلسطين، بإطلاق اسم "محور فيلاديلفي" بدلاً من محور صلاح الدين الأيوبي الذي يمتد من شرق رفح إلى غربها بحراً.
لا تقل : معتقل فلسطيني .. بل قل : أسير فلسطيني
الأسير فى اللغة : هو من يقبض عليه في حرب أو معركة، وبما أن الوضع الحالي هي حالة حرب قائمة بين اليهود والفلسطينيين ، إذا فمن يلقون القبض عليهم هم أسري وليسوا معتقلين ، فمن يقعوا تحت قبضة المحتلين لم يرتكبوا أي جرم سوي أنهم فلسطينيون ، أصحاب الأرض المحتلة، وبالطبع ليس من مصلحة الدولة العبرية الاعتراف بذلك، حتي تجد الحرية الكاملة في معاملتهم كمجرمين، وعدم معاملتهم كأسرى حرب، واعتراف منهم بسيادتهم على أرض فلسطين المحتلة ، فوصف الفلسطيني القابع في سجون الاحتلال الصهيوني بالمعتقل هو اعتراف ضمني فى أحقيتها للأرض ، أما الوصف الصحيح لهم فهو أسري حرب.
لا تقل : مستوطنات إسرائيلية .. بل قل : مستعمرات يهودية
المستوطنة مصطلح يهودي رقيق للتخفيف من حده قبح الاحتلال وما يرتكبه من اعتداءات يومية علي أصحاب الأرض المقدسة، والأصل هو إطلاق مصطلح مستعمرة على المناطق التي تأخذها قوات الاحتلال الصهيوني من الفلسطينيين عنوه وتعمل على طردهم منها، وإحلال مساكن خاصة باليهود فيها، وهو عملية احتلال واستعمار واضحة ، ولذا فالمصطلح الصحيح هو مستعمرات يهودية وليس مستوطنات إسرائيلية.
لا تقل : الخليج الفارسي .. بل قل : الخليج العربي
ولحقد الصهيونية الدفين والمستمر على كل ما هو عربي، فهي تطلق أيضا مصطلح الخليج الفارسي علي الخليج العربي.