Thursday, February 08, 2007

ذهبت إلى السماء



في إحدى أيام الشتاء انتقل بصري من أسفل إلى السماء، فوجدت السحب تراكمت كالتلال والجبال.
فتعجبت لصنع الخالق، فما أجمل الألوان فمن الأبيض الناصع المتوهج إلى الرمادي لوحة من إبداع الرحمن.
وتمنيت أن يصبح لي جناحين لأطير بهما واستقر فوق السحاب.


وهنا سرح فكري وشت عقلي وانتقلت من الأمنية إلى عالم الخيال وفيه انتقلت إلى السحاب وتركت نفسي لإحدى السحب تنقلي أينما تشاء، فانتقلت معها إلى مسقط رأسي . كم اشتقت إليها هي بلدي وبلد والداي.
كيفي حالكم يا أهل بلدي .. بلدي خليط من أجمل الألوان الأخضر لون الأرض واللبني لون المياه والأبيض لون قلوب الناس.
ولكني عندما دققت النظر ظهر لي لون غريب عن الألوان، هناك بقعة كبيرة سوداء !!
ولم أجد أحد مع غيره من الناس وكلهم أفراد في بيوتهم وتركوا الأرض لهذه البقعة تكبر وتكبر وتحتل أسفل السماء.
وقطع عقلي حيرتي عندما صرخ في " هذه البقعة نابعة من قلوب الناس !!"
نعم لم يظلوا كما كانوا زمان ، فالكل تفرق وتشتت وتفتت إلى أفراد، ولم تعد القلوب صافية مثل لون السماء، واحتل الحقد فيها محل الحب والوفاء وفي يوم من الأيام ظهرت هذه البقعة السوداء.
تمنيت أن أخذ قطعة صافية من السماء لأمحو بها البقعة السوداء، ولكن هيهات لن أستطيع وحدي محو البقعة السوداء، الناس وحدهم من يستطيعون ذلك. أتمني أن يصحو من نومهم قبل أن تظلل عليهم هذه البقعة وتحجب عنهم ضوء الشمس وجمال السماء.


ثم انتقلت بي السحابة إلى مكان لم أره من قبل، ولكني أستطيع أن أميزه من علياء، هناك قبة خضراء ومسجد له في القلب مكانة، أنه هو هو .. المسجد الأقصى. ماله ظهر حزين مغلق الأبواب؟
ومال هؤلاء الناس مجتمعين أمامه لا يستطيعون ملء قلبه الخواء ؟ إنهم الفلسطينيون انتهى طريقهم إلي أول المسجد دون الصلاة تحت قبته الخضراء. يحاولون منع الصهاينة الطغاة من محو أثره من فوق الأرض ليقيموا هيكلهم المزعوم وتصبح دنيتهم هباء.

تمنيت بعد أن تمر من فوقهم السحابة أن أترك الفلسطينيين يعيشون في أمان وكذلك القبة الخضراء، وروح كل صهيوني ليس له حق البقاء قد قبضت من فوق الأرض وانتقلت إلى أسفل سافلين مع الجبابرة الطغاة.


ولكن هذا لم يحدث وتركتهم في حيرتهم وخوفهم وتحركت بي السحابة لتنقلني إلى بلد آخر، رأيت فيه العجب وعرفته من تمثال يقف رافعا شعلة من الأحجار الصماء. أنه تمثال الحرية في بلد تدعى الحرية، وحقا وجدتها كذلك فالكل هناك يعيش وينعم بالحرية.
ولكن هذه الحرية جعلته بلادهم حكرا عليهم، وبعد ذلك لا مانع من أن تخرج جيوشهم من أرضهم لتنزع هذا الحق من أيدي الآخرين في أي مكان يختارونه على الأرض، وتشهد أفغانستان والعراق علي ذلك وقبلهم فيتنام.
وهنا تمنيت أن ترحل بي السحابة من فوق أرض نطحات السحاب وتتركها كما كانت قبل قرون لا تعرف كل هذه الأحقاد والمكائد والسيطرة وتزيل هذا الجيل وترجع إلى الخلف لتأتي بسكانها الأصليين، الهنود الحمر، ليعيشوا في أمان ويتركوا غيرهم يعيش.

وبعد أن تركت هذه الأرض أبت السحابة علي حملي وعليها ثقل وزني فبكت وأسقطتني مع دموعها علي أرض كاحلة جرداء صفراء لا تبقي فيها المياه . ووجدت نفسي وحيدة دون البشر وكانت هذه نهايتي بعد أن تحقق حلمي وذهبت إلى السماء وشددت الرحال مع السحاب.
وتركت الأرض الصفراء وودعت ضوء الشمس وصفاء السماء وانتقلت إلى عالم آخر لم تره عين ولم تسمع عنه الآذان.

5 comments:

Anonymous said...

"تبارك الله فيما خلق"

Anonymous said...

ما شاء الله على الفكرة الرائعة يا هالة لكن الصنعة كانت المفرض تكون متقنة شوية عن كده
لكن مرة تانية بأقول الفكرة أكثر من رائعة وتلميحاتك جميلة جدا

Anonymous said...

جميل جداً كلامات السجع والترادف اللغوي البديعة.
لقد اخذتيني من مكان الى مكان وموضع الى موضع اخر، وكنت احلم في البداية حلم جميل وبعدها بدأت التقلبات ثم صدمني قابوس الواقع وهذا هو حالنا فعلا اليوم.
نشكرك يا هالة

Anonymous said...

بالفعل فكرة طيبة جداً في وقت نظرك الى السماء من على الخضرة في بلدنا.
فعلاً طبقتي في ذلك الوقت ما يشعر به الشاعر والهائم فينعكس ذلك في نفسه وتخرج بدائع ونفائس ترى النور، اما شعراً او سجعاً وما اجمل ذلك.
ارجو ان تستمري في التألق والكتابة، كل فكرة تكمن في ذهنك الجميل الراقي اخرجيها لترى النور.
وشكراً،
اخوكي
أشرف

بيتنا القديم said...
This comment has been removed by the author.