Wednesday, February 15, 2017

تحياتي .. سارة

سارة صديقة عزيزة تعرفت عليها منذ شهور ... اجتمعنا على حفظ القرآن الكريم وتفسيره، أعجبت كثيرا بطريقة تلاوتها للقرآن .. وقريبا أعجبت بها أكثر عندما عرفت أنها تعشق القراءة مثلما أعشقها .. فقد عرضت عليها بعض الموضوعات، التي لم تتوقف عن القراءة فيها والاستمتاع بها ومن خلال حديثها شعرت أنها تكاد تطير من الفرح وهي تنهي موضوع تلو الآخر، ورغم مسئولياتها مع أولادها، إلا أنها لا تترك الفرصة تفوتها عندما تحين لها للقراءة .... تحياتي لكِ صديقتي العزيزة.


كم هو جميل أن تكون الأم ممن يهون القراءة، خاصة في زمان تزدحم على رؤسنا وسائل الاتصال الحديثة وعوامل الجذب، التي قد تصب جميعها في بؤرة أساسية، ألا وهي تسطيح الفكر، بل وموارة العقل، والمشي وراء كل قيل وقال يظهر على أحد الشاشات دون اعمال فكر أو إبداء رأي.

وأهمية العلم والقراءة لا تعادلها أهمية والدليل أن أول سورة أنزلت في القرآن الكريم قالت " اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ "، وهو أمر من الله سبحانه وتعالى يحث به عباده على القراءة والتعلم، ولو أننا نفذنا الأمر لأصبح حالنا بالتأكيد غير ما نحن عليه الآن...فالأمم المثقفة التي ترى أن القراءة من أولوياتها أصبحت في المقدمة وحصلت على لقب متحضرة، وكنا قديما متحضرين بفضل تقدير العلم والعلماء، ولعل أي حضارة بقت آثارها تبهر العالم إلى الآن كانت حضارة تقدر العلم والعلماء.

وأجزم أن سبب تأخرنا ومجيئنا في ذيل الأمم هو دفن العلماء أحياء مع علمهم، أو جعلهم يكرهون حياتهم في أوطانهم ومن ثم يبحثون عن وطن آخر يحتضن حلمهم ويقدر علمهم ويعطيهم الفرصة، وإذا حدث نجد أن هؤلاء لمع نجمهم في هذه الدول وشاركوا في نهضتها وأضافوا لتقدمها تقدم.

وكم كانت تعجبني حكاية قديمة تروى أن أحدهم مات تاركا لابنه كنزا، كما أطلق عليه،  ووصف له مكانه، فوجد الابن ذلك الكنز عبارة عن مكتبة كبيرة مليئة بكافة أنواع الكتب، لم يغضب الفتى، ولكن انكب على الكتب ونهل منها جميعا وبعلمه الذي اكتسبه حصل على مال وفير وأصبح من الأثرياء أصحاب الكنوز.

وبالفعل إذا تُرك المال لشخص جاهل لأسرف في انفاقه دون وعي وهلكه في وجوه تجعله يتبخر دون أن يشعر كيف ومتى حدث ذلك، ومن ترك لابنائه علم فقد أورثهم كل شيء، وبالوقت سوف يحصلون على المكانة والتقدير والأموال ما يجعلهم أغنى الأغنياء.


أتمنى أن نربي داخل أبنائنا عشق القراءة ومحاولة جذبهم بعيدا عن كل بريق شاشة يطفىء نور عقولهم.. وخير ما اختم به حديثي "اللهم ارزقني علما نافعا" .